أرشيفات الوسوم: الانتخابات

ثلاثية العزوف السياسي في المغرب

في المغرب، أطلقت الحكومة حملة وطنية للتسجيل في اللوائح الانتخابيةوشاركت مجموعة من الأحزاب السياسية في تنظيم حملات تحسيسية تواصلية من أجل دفع المواطنين إلى التسجيل، استعدادا لاستحقاقات الجماعات المحلية في شتنبر 2015، وباقي الاستحقاقات التي ستليها، وعرفت الحملة في ختامها تسجيل أزيد من مليون ونصف ناخب، التي ستضاف إلى أزيد من 13 مليون المسجلة إلى غاية 31 مارس 2014.
إلا أن الكتلة الانتخابية في المغرب تصل إلى أزيد من 26 مليون ناخب الذين لهم الحق في التصويت، أي أن نسبة الناخبين المسجلين فعليا يتجاوز بقليل نصف الكتلة الناخبة مما يطرح في كل مرة سؤال العزوف عن التصويت في الانتخابات خاصة في فئة الشباب حيث يشكل الشباب في المغرب نسبة حرجة تصل إلى 36 بالمائة من مجموع السكان.
كما أن نسبة المشاركة في آخر انتخابات جماعية بالمغرب سنة 2009 بلغت 52,4 بالمائة من مجموع الناخبين المسجلين باللوائح الانتخابية أي أزيد بقليل من 7 ملايين ناخب.
ومناسبة الحديث هنا عن هذه الأرقام هو مدى التمييز من خلال النقاشات العمومية بين العزوف السياسي عن التسجيل في اللوائح الانتخابية في المغرب والعزوف السياسي في التصويت في الانتخابات والعزوف السياسي في وضع الثقة في أي حزب أثناء العملية الانتخابية.
وحينما نذكر في الحقل اللغوي العزوف عن الشيء فإننا نعني به الابتعاد أو الامتناع، أي عن السياسة في هذا السياق، كما هو منصوص في معجم الغني.

عن التسجيل في اللوائح الانتخابية

شكل العزوف عن المشاركة في الانتخابات بصفة ناخب مثار اهتمام الباحثين والسياسيين والمهتمين بالشأن العام، وعلى اختلاف تموقعاتهم الإديولوجية، حيث يعتبر بعض دعاة المقاطعة أن المحدد الأساسي لتقليص نسبة المتجهين إلى الاقتراع هو بالتسجيل في اللوائح الانتخابية، في حين يعبر اتجاه آخر مؤمن بمقاربة التشارك والمشاركة في العملية السياسية أن أول خطوة للبناء الديمقراطي هو التسجيل في اللوائح الانتخابية حيث أنه في نظرهم لا تكتمل صفة المواطنة إلا باكتساب صفة ناخب يختار مسؤوليه الذين سيدبرون شأنه وشأن غيره من المواطنين في المجال العام.
أما الفئة التي تعزف بشكل صريح عن التسجيل في اللوائح الانتخابية فإن ذلك يذهب في اتجاهين أساسيين، إما الجهل بخطورة عدم التسجيل في اللوائح الانتخابية وعدم الوعي بخطورة ذلك، أو التذمر الإطلاقي من الوضع السياسي الراهن وفقد الثقة اللازمة بالأجهزة الإدارية للدولة أفقيا وعموديا ولعب دور المغلوب الساخط.

التصويت في الانتخابات

وعن النوع الثاني من العزوف السياسي، حيث يرتقي المواطن إلى درجة ناخب، حيث يصل إلى الوعي بضرورة التسجيل في اللوائح الانتخابية كي يصبح مؤشرا مؤثرا في العملية الانتخابية، إلا أن تأثيره تصل غايته فيه حسب دفوعاته إلى أن مقاطعة الانتخاب هي الحل ويلعب في الغالب التوجه الإديولوجي دورا حاسما في هذه الرؤية بالنظر للنظام السياسي والاقتصادي الذي يخالف تصورهم.
أما فئة أخرى فقد يكون تسجيلهم في اللوائح الانتخابية محض صدفة ليس إلا، حيث يغيب القاموس السياسي من ترسانتهم المعرفية حسب مستواهم التعليمي حتى ولو كانوا أميين، فقد يكون “مقدم الحومة” سببا في دخولهم إلى “نادي الناخبين”، وبالتالي فهم لا يكترثون إلى وجود انتخابات من عدمها لأن الوعي السياسي لم يصل إلى “حومتهم”.

فقد الثقة في الأحزاب

النوع الثالث والأخير في العزوف السياسي، هو فقد للثقة في أي حزب يمكن أن يصوت عليه الناخب، فهو يؤمن بضرورة المشاركة في الاقتراع الانتخابي وضرورة التعبير عن رأيه، إلا أنه لم يجد بعد الحزب الذي قد يضع فيه الثقة نظرا لمجموعة من العوامل والإرهاصات ومدى تمثله للعملية السياسية والتنموية للبلاد.
لكن لا يفوتنا أن ننبه إلى وجود نوع مشارك يريد اختيار حزب ما، لكن أميته منعته وحجبته من حرية الاختيار، فهو يجهل عملية التصويت وفي الغالب يجهل الكتابة والقراءة معا، وهذا النوع لا نسميه عازفا سياسيا عن الأحزاب، إذ الرغبة شافعة رغم الجهل، وفي هذه الحالة تكون الأوراق الملغاة تجمع بين وعي وجهل متناقضين ومشتركين في الإحجام بإرداة أو بدونها، لذلك شرطنا في هذا النوع عنصر فقد الثقة والوعي كي يكون عزفا سياسيا عن التصويت للأحزاب نظرا لفقد الثقة في الحزب المناسب.