أرشيفات التصنيف: المغرب

الانتماء تحول.. فصام تعيشه مجتمعاتنا

الشعور بالانتماء شيء جيد يحيل إلى الارتياح والعودة إلى الذات، والتعبير عنه يجب أن يكون بنفس مستوى هذا الشعور، أي بصفاء وصدق قريحة وانتقاء الأساليب والعبارات الدالة والمناسبة في الدفاع عن هذا الانتماء وإيجابياته وأبعاده..

في بعض الحالات نجد في مجتمعاتنا تحولات إما بالتدريج أو عن طريق طفرة مفاجئة إما تتقارب مع الانتماء أو تتباعد عنه وفي الحالتين أكيد هناك اختلاف، والاختلاف مطلوب دوما في أي مجتمع من المجتمعات على أساس أن يكون عائده مثمرا وذو مسؤولية اجتماعية مشتركة..

إن الانتماء يكون في التمثل العام مرتبطا بالثقافة التي تتباين من مجتمع إلى آخر، لكن أثناء التلاقح تتأثر ثقافة بنظيرتها إما لأسباب ذاتية أو موضوعية، وهنا لن نبرز في صدد حديثنا جدلية المناعة من عدمها فكل ثقافة لها عائد مثمر فمرحبا بها..

ونقصد بالإثمار هنا هو أن تكون طبيعة الانتماء مرتبطة بالاستيعاب والوعي بضرورة تطوير وتنمية المكون الحضاري للمجتمع والاستفادة من تجارب رائدة في الرقي المجتمعي سواء ثقافيا أو علميا أو اقتصاديا أو حتى سياسيا وفي مجالات أخرى..

إن تعدد روافد الانتماء يجب أن يقابل بعقلية تمحيصية بعيدا عن معيقات التوجس التي تحيل إلى حكم مسبق غير منصف وفي المقابل نظرة تصنيفية واقعية لمدى الجدوائية وانعكاس ثقافة ما على حضارة مجتمع معين..

إن جدليات “البروباكاندا” في الوطن العربي بما فيها المغرب، أصبح يتحكم فيها ذوو النفوذ والسلطة والمال، بالإضافة إلى أنساق سياسية قد تكون مضرورة أو مستهدفة بشكل ما من هذه الحملات الإعلامية، لذلك تكون منخرطة بشكل مكثف وملحوظ من أجل الحضور في المشهد وإبداء مواقفها حسب طبيعة اللحظة ونوع القضية..

إن ضرورة اللحظة، تقتضي منا التأمل في مفهوم الانتماء بين الأمس واليوم، ومن يملك دواليب التحكم فيه ومن يلعب بخيوطه، من أجل صناعة “المجتمع الجديد” حسب الخطوط العريضة التي يتبناها ويرمي إليها، اختلف معه المجتمع أو توافق..

لذا نجد أن هناك فصاما واضحا في ممارسات المنظومة المجتمعية في مجموعة من الحالات في الأسر العربية عموما والمغربية خصوصا القيمية منها والأخلاقية والسلوكية..

فمن هنا يصبح للانتماء مفهوم جديد مختلف تماما عن التداول المشترك ويعرف تطورا بطريقة انسيابية وسريعة لا تترك لنا مجالا لنقاش الأمور الأصلية وتجعلنا نهتم بشكل كبير بالفروع لعلنا نفقه شيئا ما في طبيعة التحول الذي يعرفه “الانتماء” في المجتمعات العربية..

أيها المتأدلجون!!

أثناء تفحصي لنقاشات المختلفين إديولوجيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الخبرية أو البرامج التلفزيونية، أكون سعيدا حينما يكون الحوار راقيا يقف عند تقاذف الأفكار وتذييل الخلافات الشخصية وتبيين الاختلافات الفكرية..

تنتابني السعادة كثيرا حينما أجد مؤدلجين مبدئيين، يشجعون مخالفهم حينما يقول الصواب ويناقشونه بالحجة حينما يختلفون معه..
أكون سعيدا جدا حينما أجد الابتسامة تملأ جوف كليهما، لا حقدا، وإنما بسبب حرارة النقاش والإعجاب بمستوى كليهما المتبادل..

قليل هي مثل هذه النقاشات حاليا لكنها مهمة وتضيف شيئا مهما في ساحة الاختلاف سواء كان سياسيا أو فكريا أو ثقافيا، ويعتبر مبدأ القبول بالآخر السمة البارزة لفتح باب للحوار الناضج المثمر المفيد..

لكن للأسف الشديد ثمة ما يعكر صفوي أثناء تتبعي لنقاشات أخرى من هذا النوع، حينما نجد أن الأمر ينتقل من نقاش فكري إديولوجي، إلى سب وشتم وحقد وقذف متأدلج..

إن أمرا مثل هذا يحتاج إلى تحسيس وتوعية بخطورة الأمر، لأنه يولد الكراهية والحقد المتبادل بين المختلفين فكريا، وقد يتطور الأمر إلى قبلية أو طائفية أو اصطفاف ثنائي متأدلج، كما يريد أن يصور البعض، فنجد ثنائيات تدل على ذلك وتصور العداء ربما هو مفتعل وقد يكون مقصودا أو غير مقصود.. من قبيل “سني-شيعي”، “مسلم-يهودي”، إسلامي-علماني”، مسلم-مسيحي”.. لكن العدو الحقيقي ليس في هذه الثنائيات..

إن العدو الحقيقي أيها المتأدلجون الذي يجب أن ننتبه له هو ذلك التطرف الذي قد ينبع بسبب التأدلج، والتعصب للنسق الفكري الذي تنتمي إليه الأطراف المتحاورة.. مما ينمو بشكل صدامي قد ينتج عنه العنف لا قدر الله..
ومثل هذه المظاهر تتطلب انخراط مختلف الفاعلين المثقفين والسياسيين وحتى الدينيين في بعض الحالات.. من أجل القضاء على الإرهاب الحسي واللفظي والفعلي..

وبذلك فإن نقاشنا في هذا الاتجاه سيقطع الطريق أمام التطرف الكبير ومن يشجعه خصوصا من قبيل داعش وأزلامها ومن يقوم مقامها..

أيها الإبن العاق.. إنها أم واحدة :(

كثيرة هي الدروس التي تقدمها لنا الحياة، فمنها من نتعظ بها ونتعلم، ومنها رغم قساوتها فإنا نستمر في غينا، وهناك الكثير من الشواهد في المجتمع تدل على مجموعة من النقائص التي تشوب الإنسان في سلوكياته وتعاملاته، خصوصا مع أقرب الناس إليه.
ويعتبر عقوق الوالدين من أسوأ الأخلاق التي قد يمارسها الأبناء في حق آبائهم، وبالأخص الأم، مع استحضار كمية الدعم والرعاية التي تقدمها من الحمل إلى الولادة إلى ما بعد ذلك..
وعقوق الوالدين قد تسببها آفات اجتماعية إما من سوء التربية كعامل داخلي أو مشاكل مركبة سواء داخلية أو خارجية (تفكك أسري، انحراف اجتماعي، مشاكل نفسية، ..)..
وقد سمعنا في مجموعة من الأحداث المؤسفة التي قد يمارسها الأبناء العاقين في حق أمهاتهم، إما بالقتل أو الاغتصاب للأسف الشديد بفعل الإدمان على المخدرات وغياب الوعي ودخول عالم الجريمة..
ولو أن مشكل العقوق هو أمر مركب لكن لا يمنع ذلك أن نكتب هذه السطور من أجل غد أفضل لأبنائنا وآبائنا على السواء، حتى لا نسمع مثل هذه الأخبار السيئة التي قد يقاترفها الأبناء العاقين..
ورسالتي إلى الإبن العاق سأركز فيها على نقاط مدققة عبر أسئلة نابشة وهي كالتالي:

– هل أنت في وعيك؟
– هل تعرف من أنت؟
– هل تملك أخلاقا؟
– هل تملك صبرا ضد الفعل ورد الفعل غير المحسوبين؟
– هل تريد أن تكون إبنا عاقا أم صالحا؟
– هل تعاني من مشاكل نفسية؟
– هل تكره أو تحب أمك؟
– ماذا تريد صراحة من نفسك ومن الآخرين بداية من أمك؟
– هل أنت مستعد للإقلاع عن العقوق؟
– كيف هي درجة حبك وكراهيتك الآن؟
– هل تستطيع تعويض حب الأم وحنانها؟
إنها فقط بعض الأسئلة التي تنبش بعض درجات الحالة النفسية والاجتماعية التي يعاني منها الأبناء والتي تسبب في حالات كثيرة عقوق الوالدين، وأكيد ان مبدأ المراجعة والنظر فيه الكثير من الإيجابيات إلا في الحالات المتقدمة التي يستعصي من خلالها المعالجة بالطرق التقليدية، بيد أن الحوار والنقاش يعتبر أول هذه الطرق لننتقل إلى مرحلة ثانية، وهو تجسيد دور الأم في التربية والتنشئة في مقابل رد الجميل رغم أنه من الصعب رد كل هذا الدور خصوصا في مدة الحمل، تسعة أشهر، وهذا أمر قد يكون ماديا إذا حمل في مقابل ذلك الإبن العاق قيم الوفاء فسيكون له كلام آخر..
أما إذا تجاوزت الحالة حالة أخرى يصعب علاجها، فإن ذلك دور الجمعيات المدنية والأهلية في إعادة الإدماج وكذا المتخصصين النفسيين والاجتماعيين وكذا معالجة المشاكل المعيشية لدى الفئات الهشة..

لكن أشير هنا إلى أمر مهم أن مشاكل الفقر والهشاشة لم ولن تكون ذريعة لاقتراف أفعال سيئة في حق الأم، بل إن الدافع يجب أن يكون نحو الأمل حتى ولو تبقت قطرة واحدة من الأمل، وكذا السعي ومكابدة الطريق بجميع الألوان حتى نفتح باب النجاح والقضاء على محن الحياة وتحدياتها، وأن نعيش محيطنا وبيئتنا بالتفاؤل المبني على التفكير والتدبير بدون وجود يأس في قاموس الحياة حتى تضحى الأم مكونا دافعا لهذه الحياة بآلامها ومدخلاتها ومخرجاتها أيضا..

إنها رسالة إليك أيها الإبن العاق حتى تهزم ذلك الوحش العاق القابع داخلك.. إنها أم واحدة..

إلى الخط الإصلاحي

(رسالة إلى الخط الإصلاحي)

بعبارة خاطفة.. إن مجالات إعمال العدل لا يمكن أن تجد مجالا خصبا لتكونها طالما هناك تحكم وتعليمات خارجية تضرب في عمق الاستقلالية.. كما أن أدوات المجابهة من لدن دعاة الخط الإصلاحي في المغرب الحبيب لا تزال آليات ذاتية تقليدية تحافظ على تماسكها اعتمادا على ثقافة رد الفعل حينما يتم جس النبض..

لذلك فإن غياب دور المثقف في القضايا الاجتماعية والسياسية جعل جل الآراء منقسمة ما بين العامل السياسي والعامل النضالي.. مما شكل حالة فصام لأول مرة لغلو وتطرف منطق الحسابات الخشبية الموغلة والانحدار عن المسار الطبيعي لكل عمل حسب مجاله..

فالاستقلالية مطلوبة جدا ما بين السياسي والمدني والنقابي والحقوقي أيضا والخيط الناظم بين هؤلاء والذي يمكن أن يجمعهم هو حضور فكرة المشروع المجتمعي الوطني بدل فكرة الطائفة والقبيلة والتنظيم المغلق..

إن حاجتنا اليوم ماسة إلى تكوين بنية عقلية جديدة تتسم بنزعة وطنية صادقة بدل نمط إديولوجي تقليدي يتبادر إلى ذهننا كلما استحضرناه عقلية الملقي والجمهور.. في حين أن السفينة واحدة والركب واحد رغم اختلاف الأفكار والبنيات الثقافية والمنظومة القيمية..

إن اختزال فكرة الإنسان في نموذج واحد وأوحد في طبيعة التدبير وتدبير الاختلاف يجعلنا نقف أكثر من مرة ويحق لنا أن نتساءل دوما، لماذا لم تتطور البنية الاقتراحية ولماذا تحضر البنية النقدية على أنها حالة نشاز ومراهقة فكرية وهروب افتراضي من الممارسة..
لماذا يتم تهريب التنظيم الاجتماعي الوطني حقيقة من المشروع ونفتح الباب فارعا لضربات تنظيم تقليدي مسطري..!؟

إن واقع الحال يقول أن التفريط حصل منذ نعومة الأظافر وفي أوج الشيخوخة، إما بنية شبابية على شاكلة “تنفس بعمق”، أو بنية شيخوخية على شاكلة “هذا ما وجدنا عليه آباءنا” فحصل الفصام والله أعلم، وكانت الفترات العمرية الأخرى تخبط خبط عشواء وتنهل من إنجازات الماضي في دورة حضارية طبيعية تتطلب التجديد حقيقة في العشر السنوات القادمة، هي دعوة إلى تجديد إعادة طرح مبادرة السؤال بحضور أولوية ومركزية المثقف المتجرد لا التكنوقراطي..

إلى جيل باكالوريا 2015

الشباب عماد الوطن، وكل استهداف له في مناشطه العلمية والمعيشية هو استهداف لجيل يتوخى منه استكمال مسار بناء بلاده، إن ما حدث من تسريبات لامتحانات باكالوريا 2015 بالمغرب بحر هذا الأسبوع أمر مثير للريبة ليس لأنه أول مرة يحدث ولا لأن من يقفون وراءه قد يكونون أطرافا سياسية تستهدف التجربة الحكومية، وإنما هذا الأمر جعلنا نقف وقفة تأملية في من نعطيه مصير أبنائنا بين أيدينا، وفي الأخير يكون عامل المعدل الذي قد يحصل عليه الكثيرون من أثر الغش هو المعيار الأساسي لاختيار عدد منهم للدراسة في مجموعة من المعاهد والمؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المحدود..
إن ما يحدث اليوم يعيد السؤال إلى الواجهة حول مصداقية تعليمنا وما يمكن أن يخرج من نخب تشرف الوجه الحقيقي لبلادنا في المحافل الدولية.. ما زال ترتيب بلادنا في التعليم في دول المؤخرة، ومازال أمامنا عدة أوراش لبناء منظومة تعليمنا بالمغرب، بدءا بورش المصداقية ثم أمانة الخريجين والمسؤولين الساهرين على تعليم وامتحان أبنائنا مرورا بأمنهم وراحتهم النفسية وتوظيف كل السبل البيداغوجية واللوجيستيكية والتربوية لكي يكون لدينا تعليم نفتخر به مثلما تفتخر الكثير من الدول بذلك، هذا في الجانب الشكلي..
أما جانب المضمون فمازالت مجموعة من اللوبيات تتمترس داخل قطاع التعليم في تسلسلاته من أجل التجارة الرخيصة والاستثمار في مقدرات أبناء الوطن ليس إلا ربح أموال السحت وخيانة الوطن إما لانتصار الطرح القائم على خوصصة جميع المدارس وتوجيه الشعب الذي في عدد كبير منه غير قادر على توفير الحد الأدنى من العيش لدفع مصاريف التعليم الباهضة للوبيات الفساد التعليمي، وإما لبارونات عقارية تريد الإكثار من المدارس ذات الاستقطاب المحدود وفتح مشاريع خارج دائرة الإجماع الشعبي من أجل سحق المدخول الفردي وتحريم الحق في التعليم والحصول على المعرفة كمواطنين..

ثلاثية العزوف السياسي في المغرب

في المغرب، أطلقت الحكومة حملة وطنية للتسجيل في اللوائح الانتخابيةوشاركت مجموعة من الأحزاب السياسية في تنظيم حملات تحسيسية تواصلية من أجل دفع المواطنين إلى التسجيل، استعدادا لاستحقاقات الجماعات المحلية في شتنبر 2015، وباقي الاستحقاقات التي ستليها، وعرفت الحملة في ختامها تسجيل أزيد من مليون ونصف ناخب، التي ستضاف إلى أزيد من 13 مليون المسجلة إلى غاية 31 مارس 2014.
إلا أن الكتلة الانتخابية في المغرب تصل إلى أزيد من 26 مليون ناخب الذين لهم الحق في التصويت، أي أن نسبة الناخبين المسجلين فعليا يتجاوز بقليل نصف الكتلة الناخبة مما يطرح في كل مرة سؤال العزوف عن التصويت في الانتخابات خاصة في فئة الشباب حيث يشكل الشباب في المغرب نسبة حرجة تصل إلى 36 بالمائة من مجموع السكان.
كما أن نسبة المشاركة في آخر انتخابات جماعية بالمغرب سنة 2009 بلغت 52,4 بالمائة من مجموع الناخبين المسجلين باللوائح الانتخابية أي أزيد بقليل من 7 ملايين ناخب.
ومناسبة الحديث هنا عن هذه الأرقام هو مدى التمييز من خلال النقاشات العمومية بين العزوف السياسي عن التسجيل في اللوائح الانتخابية في المغرب والعزوف السياسي في التصويت في الانتخابات والعزوف السياسي في وضع الثقة في أي حزب أثناء العملية الانتخابية.
وحينما نذكر في الحقل اللغوي العزوف عن الشيء فإننا نعني به الابتعاد أو الامتناع، أي عن السياسة في هذا السياق، كما هو منصوص في معجم الغني.

عن التسجيل في اللوائح الانتخابية

شكل العزوف عن المشاركة في الانتخابات بصفة ناخب مثار اهتمام الباحثين والسياسيين والمهتمين بالشأن العام، وعلى اختلاف تموقعاتهم الإديولوجية، حيث يعتبر بعض دعاة المقاطعة أن المحدد الأساسي لتقليص نسبة المتجهين إلى الاقتراع هو بالتسجيل في اللوائح الانتخابية، في حين يعبر اتجاه آخر مؤمن بمقاربة التشارك والمشاركة في العملية السياسية أن أول خطوة للبناء الديمقراطي هو التسجيل في اللوائح الانتخابية حيث أنه في نظرهم لا تكتمل صفة المواطنة إلا باكتساب صفة ناخب يختار مسؤوليه الذين سيدبرون شأنه وشأن غيره من المواطنين في المجال العام.
أما الفئة التي تعزف بشكل صريح عن التسجيل في اللوائح الانتخابية فإن ذلك يذهب في اتجاهين أساسيين، إما الجهل بخطورة عدم التسجيل في اللوائح الانتخابية وعدم الوعي بخطورة ذلك، أو التذمر الإطلاقي من الوضع السياسي الراهن وفقد الثقة اللازمة بالأجهزة الإدارية للدولة أفقيا وعموديا ولعب دور المغلوب الساخط.

التصويت في الانتخابات

وعن النوع الثاني من العزوف السياسي، حيث يرتقي المواطن إلى درجة ناخب، حيث يصل إلى الوعي بضرورة التسجيل في اللوائح الانتخابية كي يصبح مؤشرا مؤثرا في العملية الانتخابية، إلا أن تأثيره تصل غايته فيه حسب دفوعاته إلى أن مقاطعة الانتخاب هي الحل ويلعب في الغالب التوجه الإديولوجي دورا حاسما في هذه الرؤية بالنظر للنظام السياسي والاقتصادي الذي يخالف تصورهم.
أما فئة أخرى فقد يكون تسجيلهم في اللوائح الانتخابية محض صدفة ليس إلا، حيث يغيب القاموس السياسي من ترسانتهم المعرفية حسب مستواهم التعليمي حتى ولو كانوا أميين، فقد يكون “مقدم الحومة” سببا في دخولهم إلى “نادي الناخبين”، وبالتالي فهم لا يكترثون إلى وجود انتخابات من عدمها لأن الوعي السياسي لم يصل إلى “حومتهم”.

فقد الثقة في الأحزاب

النوع الثالث والأخير في العزوف السياسي، هو فقد للثقة في أي حزب يمكن أن يصوت عليه الناخب، فهو يؤمن بضرورة المشاركة في الاقتراع الانتخابي وضرورة التعبير عن رأيه، إلا أنه لم يجد بعد الحزب الذي قد يضع فيه الثقة نظرا لمجموعة من العوامل والإرهاصات ومدى تمثله للعملية السياسية والتنموية للبلاد.
لكن لا يفوتنا أن ننبه إلى وجود نوع مشارك يريد اختيار حزب ما، لكن أميته منعته وحجبته من حرية الاختيار، فهو يجهل عملية التصويت وفي الغالب يجهل الكتابة والقراءة معا، وهذا النوع لا نسميه عازفا سياسيا عن الأحزاب، إذ الرغبة شافعة رغم الجهل، وفي هذه الحالة تكون الأوراق الملغاة تجمع بين وعي وجهل متناقضين ومشتركين في الإحجام بإرداة أو بدونها، لذلك شرطنا في هذا النوع عنصر فقد الثقة والوعي كي يكون عزفا سياسيا عن التصويت للأحزاب نظرا لفقد الثقة في الحزب المناسب.