أيها الإبن العاق.. إنها أم واحدة :(

كثيرة هي الدروس التي تقدمها لنا الحياة، فمنها من نتعظ بها ونتعلم، ومنها رغم قساوتها فإنا نستمر في غينا، وهناك الكثير من الشواهد في المجتمع تدل على مجموعة من النقائص التي تشوب الإنسان في سلوكياته وتعاملاته، خصوصا مع أقرب الناس إليه.
ويعتبر عقوق الوالدين من أسوأ الأخلاق التي قد يمارسها الأبناء في حق آبائهم، وبالأخص الأم، مع استحضار كمية الدعم والرعاية التي تقدمها من الحمل إلى الولادة إلى ما بعد ذلك..
وعقوق الوالدين قد تسببها آفات اجتماعية إما من سوء التربية كعامل داخلي أو مشاكل مركبة سواء داخلية أو خارجية (تفكك أسري، انحراف اجتماعي، مشاكل نفسية، ..)..
وقد سمعنا في مجموعة من الأحداث المؤسفة التي قد يمارسها الأبناء العاقين في حق أمهاتهم، إما بالقتل أو الاغتصاب للأسف الشديد بفعل الإدمان على المخدرات وغياب الوعي ودخول عالم الجريمة..
ولو أن مشكل العقوق هو أمر مركب لكن لا يمنع ذلك أن نكتب هذه السطور من أجل غد أفضل لأبنائنا وآبائنا على السواء، حتى لا نسمع مثل هذه الأخبار السيئة التي قد يقاترفها الأبناء العاقين..
ورسالتي إلى الإبن العاق سأركز فيها على نقاط مدققة عبر أسئلة نابشة وهي كالتالي:

– هل أنت في وعيك؟
– هل تعرف من أنت؟
– هل تملك أخلاقا؟
– هل تملك صبرا ضد الفعل ورد الفعل غير المحسوبين؟
– هل تريد أن تكون إبنا عاقا أم صالحا؟
– هل تعاني من مشاكل نفسية؟
– هل تكره أو تحب أمك؟
– ماذا تريد صراحة من نفسك ومن الآخرين بداية من أمك؟
– هل أنت مستعد للإقلاع عن العقوق؟
– كيف هي درجة حبك وكراهيتك الآن؟
– هل تستطيع تعويض حب الأم وحنانها؟
إنها فقط بعض الأسئلة التي تنبش بعض درجات الحالة النفسية والاجتماعية التي يعاني منها الأبناء والتي تسبب في حالات كثيرة عقوق الوالدين، وأكيد ان مبدأ المراجعة والنظر فيه الكثير من الإيجابيات إلا في الحالات المتقدمة التي يستعصي من خلالها المعالجة بالطرق التقليدية، بيد أن الحوار والنقاش يعتبر أول هذه الطرق لننتقل إلى مرحلة ثانية، وهو تجسيد دور الأم في التربية والتنشئة في مقابل رد الجميل رغم أنه من الصعب رد كل هذا الدور خصوصا في مدة الحمل، تسعة أشهر، وهذا أمر قد يكون ماديا إذا حمل في مقابل ذلك الإبن العاق قيم الوفاء فسيكون له كلام آخر..
أما إذا تجاوزت الحالة حالة أخرى يصعب علاجها، فإن ذلك دور الجمعيات المدنية والأهلية في إعادة الإدماج وكذا المتخصصين النفسيين والاجتماعيين وكذا معالجة المشاكل المعيشية لدى الفئات الهشة..

لكن أشير هنا إلى أمر مهم أن مشاكل الفقر والهشاشة لم ولن تكون ذريعة لاقتراف أفعال سيئة في حق الأم، بل إن الدافع يجب أن يكون نحو الأمل حتى ولو تبقت قطرة واحدة من الأمل، وكذا السعي ومكابدة الطريق بجميع الألوان حتى نفتح باب النجاح والقضاء على محن الحياة وتحدياتها، وأن نعيش محيطنا وبيئتنا بالتفاؤل المبني على التفكير والتدبير بدون وجود يأس في قاموس الحياة حتى تضحى الأم مكونا دافعا لهذه الحياة بآلامها ومدخلاتها ومخرجاتها أيضا..

إنها رسالة إليك أيها الإبن العاق حتى تهزم ذلك الوحش العاق القابع داخلك.. إنها أم واحدة..

إلى الخط الإصلاحي

(رسالة إلى الخط الإصلاحي)

بعبارة خاطفة.. إن مجالات إعمال العدل لا يمكن أن تجد مجالا خصبا لتكونها طالما هناك تحكم وتعليمات خارجية تضرب في عمق الاستقلالية.. كما أن أدوات المجابهة من لدن دعاة الخط الإصلاحي في المغرب الحبيب لا تزال آليات ذاتية تقليدية تحافظ على تماسكها اعتمادا على ثقافة رد الفعل حينما يتم جس النبض..

لذلك فإن غياب دور المثقف في القضايا الاجتماعية والسياسية جعل جل الآراء منقسمة ما بين العامل السياسي والعامل النضالي.. مما شكل حالة فصام لأول مرة لغلو وتطرف منطق الحسابات الخشبية الموغلة والانحدار عن المسار الطبيعي لكل عمل حسب مجاله..

فالاستقلالية مطلوبة جدا ما بين السياسي والمدني والنقابي والحقوقي أيضا والخيط الناظم بين هؤلاء والذي يمكن أن يجمعهم هو حضور فكرة المشروع المجتمعي الوطني بدل فكرة الطائفة والقبيلة والتنظيم المغلق..

إن حاجتنا اليوم ماسة إلى تكوين بنية عقلية جديدة تتسم بنزعة وطنية صادقة بدل نمط إديولوجي تقليدي يتبادر إلى ذهننا كلما استحضرناه عقلية الملقي والجمهور.. في حين أن السفينة واحدة والركب واحد رغم اختلاف الأفكار والبنيات الثقافية والمنظومة القيمية..

إن اختزال فكرة الإنسان في نموذج واحد وأوحد في طبيعة التدبير وتدبير الاختلاف يجعلنا نقف أكثر من مرة ويحق لنا أن نتساءل دوما، لماذا لم تتطور البنية الاقتراحية ولماذا تحضر البنية النقدية على أنها حالة نشاز ومراهقة فكرية وهروب افتراضي من الممارسة..
لماذا يتم تهريب التنظيم الاجتماعي الوطني حقيقة من المشروع ونفتح الباب فارعا لضربات تنظيم تقليدي مسطري..!؟

إن واقع الحال يقول أن التفريط حصل منذ نعومة الأظافر وفي أوج الشيخوخة، إما بنية شبابية على شاكلة “تنفس بعمق”، أو بنية شيخوخية على شاكلة “هذا ما وجدنا عليه آباءنا” فحصل الفصام والله أعلم، وكانت الفترات العمرية الأخرى تخبط خبط عشواء وتنهل من إنجازات الماضي في دورة حضارية طبيعية تتطلب التجديد حقيقة في العشر السنوات القادمة، هي دعوة إلى تجديد إعادة طرح مبادرة السؤال بحضور أولوية ومركزية المثقف المتجرد لا التكنوقراطي..

إلى جيل باكالوريا 2015

الشباب عماد الوطن، وكل استهداف له في مناشطه العلمية والمعيشية هو استهداف لجيل يتوخى منه استكمال مسار بناء بلاده، إن ما حدث من تسريبات لامتحانات باكالوريا 2015 بالمغرب بحر هذا الأسبوع أمر مثير للريبة ليس لأنه أول مرة يحدث ولا لأن من يقفون وراءه قد يكونون أطرافا سياسية تستهدف التجربة الحكومية، وإنما هذا الأمر جعلنا نقف وقفة تأملية في من نعطيه مصير أبنائنا بين أيدينا، وفي الأخير يكون عامل المعدل الذي قد يحصل عليه الكثيرون من أثر الغش هو المعيار الأساسي لاختيار عدد منهم للدراسة في مجموعة من المعاهد والمؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المحدود..
إن ما يحدث اليوم يعيد السؤال إلى الواجهة حول مصداقية تعليمنا وما يمكن أن يخرج من نخب تشرف الوجه الحقيقي لبلادنا في المحافل الدولية.. ما زال ترتيب بلادنا في التعليم في دول المؤخرة، ومازال أمامنا عدة أوراش لبناء منظومة تعليمنا بالمغرب، بدءا بورش المصداقية ثم أمانة الخريجين والمسؤولين الساهرين على تعليم وامتحان أبنائنا مرورا بأمنهم وراحتهم النفسية وتوظيف كل السبل البيداغوجية واللوجيستيكية والتربوية لكي يكون لدينا تعليم نفتخر به مثلما تفتخر الكثير من الدول بذلك، هذا في الجانب الشكلي..
أما جانب المضمون فمازالت مجموعة من اللوبيات تتمترس داخل قطاع التعليم في تسلسلاته من أجل التجارة الرخيصة والاستثمار في مقدرات أبناء الوطن ليس إلا ربح أموال السحت وخيانة الوطن إما لانتصار الطرح القائم على خوصصة جميع المدارس وتوجيه الشعب الذي في عدد كبير منه غير قادر على توفير الحد الأدنى من العيش لدفع مصاريف التعليم الباهضة للوبيات الفساد التعليمي، وإما لبارونات عقارية تريد الإكثار من المدارس ذات الاستقطاب المحدود وفتح مشاريع خارج دائرة الإجماع الشعبي من أجل سحق المدخول الفردي وتحريم الحق في التعليم والحصول على المعرفة كمواطنين..